جبران |
خبرونا وانقعوا غلتنا كيف جو السائدين العظماء
كيف جو الفتح فيما سخرت من قرى الدنيا عقول العلماء
كيف جو العبقريات وقد شالت الأطواد فيه كالهباء
خفقت ألوية الغرب ولم يك بالأمس لنا فيه لواء
فلنا اليوم به أجنحة ولنا أبطالنا والشهداء
هبط النسر بفرخيه وما كان صيادهما غير القضاء
أي سطر في المعالي كتبا بالزكي الحر من تلك الدماء
قتلا في حب مصر ولها كلنا بالمال والروح فداء
نحن في دار الأسى نبكيهما وهما في الخالدين السعداء
شرف لو بذلك المرء به عمره لم يكن العمر كفاء
بين من يرثي ومن يرثى له أكثر الأحياء أولى بالرثاء
أيها السرب الموافي وبه عن فقيدته العزيزين عزااء
هات نسمنا نسيما طاهرا لم يكدر بقذى منه الصفاء
خالصا من أثر السم الذي يفسد الذل به طلق الهواء
ما شعور المرء في تلك العلى حين يرقى وله ملك الفضاء
أيرى في الشامخ المنداح من دونه كيف مآل الكبرياء
أيرى والبحر مردود إلى ملتقى حديه ما حد البقاء
أيرى الضدين من خفض ومن رفعة صارا إلى شيء سواء
جولة للمرء إن يسم بها فبها كل الرضى قبل الفناء
نزل الأسطول في أعيننا منزل القوة منها والضياء
وتلقته الحنايا هابطا مهبط اليقظة منها والرجاء
فرح الأحياء في مصر به فرحا لم ينتقص من مراء
واستقرت من منى مقلقة ملثاويها بقايا القدماء
شرفا سرب لا يكرثك في عزة الفوز نكير السفهاء
هل تنال الصائل الجائل في فلك النسر سهام من هواء
قسم العيش وأدنى قسمة فيه للمستسلمين الضعفاء
منذ أزمعت مآبا وعدت دونه الأخطار في تلك الجواء
كل نفس وجمت من خشية وأحست ما تعاني من بلاء
إنما البعد عن القلب نوى ليس من ينأى عن العين بناء
من تراه يصف الوجد الذي وجدوه إن دنا يوم اللقاء
ألقوا السمع إلى الغيب وقد حبسوا الأنفاس حتى قيل جاء
فتمثلت لهم في صورة ما رأت أروع منها عين راء
مصر في الوجهين شطرا مهجة خفقت للعائدين البسلاء
وتملت غبطة ضاعفها باعث العجب وداعي الخيلاء