إِذا أَبصَرتَ صَحبَكَ في سَماءٍ ... قَد اِرتَفَعوا عَلَيكَ وَقَد سَفَلتا
فَراجِعها وَدَع عَنكَ الهُوَينى ... فَما بِالبُطءِ تُدرِكُ ما طَلَبتا
وَلا تَحفِل بِمالِكَ وَاِلهُ عَنهُ ... فَلَيسَ المالُ إِلّا ما عَلِمتا
سَيَنطِقُ عَنكَ عِلمُكَ في نَدِيٍّ ... وَيُكتَبُ عَنكَ يَوماً إِن كَتَبتا
وَما يُغنيكَ تَشيِيدُ المَباني ... إِذا بِالجَهلِ نَفسَكَ قَد هَدَمتا
جَعَلتَ المالَ فَوقَ العِلمِ جَهلاً ... لَعَمرُكَ في القَضيَّةِ ماعَدَلتا
وَبَينَهُما بِنَصِّ الوَحيِ بَونٌ ... سَتَعلَمُهُ إِذا طَهَ قَرَأتا
لَئِن رَفَعَ الغَنيُّ لِواءَ مالٍ ... لَأَنتَ لِواءَ عِلمِكَ قَد رَفَعتا
وَإِن جَلَسَ الغَنيُّ عَلى الحَشايا ... لَأَنتَ عَلى الكَواكِبِ قَد جَلَستا
وَإِن رَكِبَ الجِيادَ مُسَوَّماتٍ ... لَأَنتَ مَناهِجَ التَقوى رَكِبتا
وَلَيسَ يَضُرُّكَ الإِقتارُ شَيئاً ... إِذا ما أَنتَ رَبَّكَ قَد عَرَفتا
فَما عِندَهُ لَكَ مِن جَميلٍ ... إِذا بِفِناءِ طاعَتِهِ أَنَختا
فَقابِل بِالقَبولِ صَحيحَ نُصحي ... فَإِن أَعرَضتَ عَنهُ فَقَد خَسِرتا
وَإِن راعَيتَهُ قَولاً وَفِعلاً ... وَتاجَرتَ الإِلَهَ بِهِ رَبِحتا
فَلَيسَت هَذِهِ الدُنيا بِشَيءٍ ... تَسوؤُكَ حُقبَةً وَتَسُرُّ وَقتا
وَغايَتُها إِذا فَكَرَّت فيها ... كَفَيئِكَ أَو كَحُلمِكَ إِن حَلَمتا
سُجِنتَ بِها وَأَنتَ لَها مُحِبٌّ ... فَكَيفَ تُحِبُّ ما فيهِ سُجِنتا
وَتُطعِمُكَ الطَعامَ وَعَن قَريبٍ ... سَتَطعَمُ مِنكَ ما مِنها طَعِمتا
وَتَعرى إِن لَبِستَ لَها ثِياباً ... وَتُكسى إِن مَلابِسَها خَلَعتا
وَتَشهَدُ كُلَّ يَومٍ دَفنَ خِلٍّ ... كَأَنَّكَ لا تُرادُ بِما شَهِدتا
وَلَم تُخلَق لِتَعمُرها وَلَكِن ... لِتَعبُرَها فَجِدَّ لِما خُلِقتا
وَإِن هُدِمَت فَزِدها أَنتَ هَدماً ... وَحَصِّن أَمرَ دينِكَ ما اِستَطَعتا
وَلا تَحزَن عَلى ما فاتَ مِنها ... إِذا ما أَنتَ في أُخراكَ فُزتا
#أبو_إسحاق_الألبيري