جبران |
ثملين من خمر الهوى طربين من نغم الهواء
متشاكيين همومنا وكثيرها محض اشتكاء
حتى إذا عدنا على صوت المؤذن بالعشاء
سرنا بجانب منزل متطامن واهي البناء
فاستوقفتني وانبرت وثبا كما تثب الظباء
حتى توارت فيه عني فانتظرت على استياء
وارتبت في الأمر الذي ذهبت إليه في الخفاء
فتبعتها متضائلا أمشي ويثنيني الحياء
فرأيت أما باديا في وجهها أثر البكاء
ورأيت ولدا سبعة صبرا عجافا أشقياء
سود الملابس كالدجى حمر المحاجر كالدماء
وكأن ليلى بينهم ملك تكفل بالعزاء
وهبت فأجزلت الهبات ومن أياديها الرجاء
فخجلت مما رابني منها وعدت إلى الوراء
وبسمت إذ رجعت فقلت كذا التلطف في العطاء
فتنصلت كذبا ولم يسبق لها قول افتراء
ولربما كذب الجواد فكان أصدق في السخاء
فأجبتها أني رأيت ولا تكذب عين راء
لا تنكري فضلا بدا كالصبح نم به الضياء
يخفي الكريم مكانه فتراه أطيار السماء
ثم انثنينا راجعين وملء قلبينا صفاء
مفكهين من الأحاديث العذاب بما نشاء
فإذا عصيفير هوى من شرفة بيد القضاء
عار صغير واجف لم يبق منه سوى الذماء
ظمآن يطلب ريه جوعان يلتمس الغذاء
ولشد ما سرت بهذا الضيف ليلى حين جاء
فرحت بطيب لقائه فرح المفارق باللقاء