السياسة والحكم في الإسلام - مقال للدكتور مصطفى محمود رحمه الله

1
د. مصطفى محمود
العلمانيون على الطرف الأخر من المائدة عندهم دائما اعتراض ” جاهز ” على القراَن الكريم كلما بدأ نقاش فى السياسة أن القرآن الكريم ليس فيه نظرية مفصله عن نظام الحكم وليس فيه أيديولوجية سياسية واضحة وأن المفسرين اختلفوا فى ذلك وذهبوا شيعا.


والتاريخ الإسلامى امتلأ بفترات طويلة من الطغيان الفردى والملك العضوض والديكتاتوريات التى ادعت التفويض الإلهى والخلافة جاءت أحيانا بالبيعة وأحيانا بالوراثة وأحيانا بالسيف والاغتصاب وجاء كل خليفة بنص قراَنى يؤيده .. وهم لهذا يرفضون الدعوة الى حكم إسلامى بحجة أن هذا الحكم سوف يختلف الناس فى تصوره شيعا ومذاهب. وأن المسلمين لن يجتمعوا به تحت راية واحدة بل سوف يتفرقون به تحت مائة راية وراية

والمقدمة الجدلية لهذا الكلام سليمة وإن كانت النتائج غير صحيحة فالقرآن الكريم بالفعل ليس فيه نظرية مفصلة عن نظام الحكم وليس فيه بالفعل أيديولجية سياسية محددة .. والسبب أن الله كان يعلم سلفا بما سوف يجد من ظروف وتطورات فى المجتمعات البشرية وبما سوف يتبدل فى البيئات وفى نظم الإنتاج مما يستدعى التغير المستمر والتطور المستمر فى نظام الحكم ويترتب على هذا أن نزول نظرية سياسية واحدة لكل العصور يصبح تعسفا يتنافى مع العدل الإلهى ولهذا اكتفى القرآن الكريم بالتوصيات العامة وإرساء الأركان والأسس مثل العدالة والحرية الفردية والشورى والملكية والمساواة أمام القانون وعدم التفاضل بالأحساب والأنساب ولا بالعنصر ولا بالعرق ولا باللون والقضاء للناس بالشريعة وليس بالهوى .. ثم ترك القران الكريم التفاصيل والهياكل التنظيمية لما يجد من ظروف متغيرة مما يستدعى أن تكون نفس هذه الهياكل متغيرة .. وهذا بعض من عظمة القرآن الكريم وكماله وليس نقصا فيه ولا طعنا عليه.


والقرآن الكريم أراد للفكر السياسى أن يكون نامياً متطوراً شديد المرونة سريع التجاوب مع الظروف المتغيرة .. فلم يسجنه فى أطر حديدية جامدة من النصوص والله أراد الإسلام منهجا ليتلاحم مع الواقع المتغير ويتفاعل معه ويتطور معه ولم يرد به أن ينعزل ويتقوقع ويتجمد ويرفض ويتحجر فى نصوص وحروف .. وذلك شاهد من شواهد الاعجاز والحكمة فى التقدير والتدبير


وهذا المدخل القراَنى نفسه هو أكبر حماية لنا من أن يظهر بابوات وطواغيت أمثال الخمينى ممن يحملون عصا غليظة يحاولون أن يفرضوا بها منهجا لهم فى التفسير أو نظرية فى الحكم على اعتبار أنها القرآن الكريم وأنها مراد الله الذى لا يناقش.


هذا المدخل القرآنى بحكم اتساعة يرفض مثل هذه الاحتكارات ويرفض مثل هذا التعسف وهو بطبيعته السمحة يقبل الاجتهادات المختلفة والأفكار السياسية المتعددة ..


بل ويقبل تعدد مناهج الحكم فى الوقت الواحد فى الأوطان الاسلامية التى تتباين ظروفها وتختلف بيئاتها دون أن يطعن أحدهم الاَخر فى إسلامه فإنما المراد هو العدل والحرية والشورى والمساواة أمام القانون ونبذ الهوى والتعصب والعنصرية والحكم بالشريعة وعبادة الله وأينما كان الهيكل السياسى التنظيمى يحقق هذه الغايات فهو إسلامى .


وهذا يفتح الباب للمزاوجة بين الكلمة القرآنية وبين الإنسانية على اتساعها. والإسلام بدأ يأخذ ويعطى من و إلى جميع النظم دون أن يتقوقع على نفسه.


فإذا تكلمنا بلغة العصر فإن البضاعة السياسية المطروحة هى الديمقراطية والإسلام لا يرفض الديمقراطية .. بل إن الإسلام فى جوهره ديمقراطى فالحكم الإسلامى يأتى بالبيعة والاستفتاء والأمة تستفتى فى اختيار من يتولى عليها والاغلبية والإجماع لهما وزنهما فى الترجيح والحاكم لا يصح له أن ينفرد بالرأى دون مشورة جمهور المسلمين وممثلية


ولكن الإسلام له تحفظاته على المفهوم الغربى للديمقراطية فلا يجوز فى الاسلام الاستفتاء على شريعة ولا وزن لاغلبية مهما بلغت ولو صارت إجماعا أن تبيح زنا او تحل لواطا او تشرع سرقة .. فهى أغلبية ساقطة مثل أغلبية العميان يتفوق عليها مبصر واحد


والمعارضة حق المواطن .. وتعبير المعارضة عن نفسها من خلال الحزب الواحد أو الاحزاب المتعددة هى إختلافات تنظيمية شكلية لا تتنافى مع جوهر العقيدة الاسلامية


والإسلام يرفض الشيوعية كمنهج اقتصادى لأنه يجور على الأفراد ويحتال ملكياتهم ويقهر حرياتهم كما أنه يرفض الرأسمالية لانها تبيح الاستغلال بلا حدود.


وإنما يقع الاقتصاد الإسلامى على طريق الوسط. ” فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون” وهذا أقرب ما يكون إلى الاقتصاد الحر الموجه حيث يكون الفرد حرا فى أن يمتلك ويستثمر بشرط أن يدفع حق الفقير وحق المجتمع زكاة وضرائب ترتفع مع ارتفاع دخله لتصل الى أى مدى حسب ما تقتضى المصالح العامة .


وفى الإسلام يحل البنك الاسلامى الاستثمارى محل بنك التسليف الربوى شيئا فشيئا حتى يصبح هو القاعدة الاقتصادية الجديدة.


ومعنى ذلك أن الحكم الاسلامى يمكن أن يبدأ من الاجتهادات السياسية المطروحة ومن الواقع الحالى دون انقلاب ودون ثورة الإسلام.


الإسلام ليس فى حاجه الى “كاسترو” جديد وليس فى حاجة الى مبتدع يخرج علينا بنظرية جديدة فى الحكم يدعو اليها بانقلاب عسكرى.


الحكم الإسلامى ليس أكثر من موقف انتقائى يتفاعل مع الموجود ويثرية وينهض به دون قهر ودن عنف والاسلام فيه من الحيوية والمرونه والقدرة على الامتزاج والتوافق والمصالحة مع التراث الانسانى ما يجعله أشبه بالسحابة التى تهمى على الأرض فتخصبها وتنبت أجمل ما فيها دون مصادمات ودون تناقض ودون مشادة .. لأن الإسلام ليس عضوا غريبا يرفضه الجسم الحى بل هو عين الحياة ذاتها.


ولهذا كان التصور الإسلامى المقترن بالعنف والانقلاب تصورا مجافيا لروح الاسلام بالكلية .. فالإسلام ليس نقيضا للموجود .. بل إنه روح الموجود .. وأحسن ما فى الموجود.


وإذا قدر للإسلام ان ينجح وأن يغزو وأن ينتشر فإنما بهذا الغزو المسالم الذى ينهض بالواقع دون أن يدمره وبهذه الخطى الانتقائية التى تأخذ بيد المجتمعات هوناً وفى ترفق خطوة خطوة ومرحلة بعد مرحلة.


وما يقال غير ذلك .. هو تجارة الكلام وسوق الشعارات ومزايدات أهل الفتن الذين يتعجلون الكراسى وليس الإسلام ولم يكن الإسلام أبداً ولا فى أى يوم لعبة كراسى .
***

نشر هذا المقال في 2-1-1983

خيبة العرب

13


قيل أنه

إذا إجتمع يابانيان

فكرا في عمل إختراع أو إكتشاف جديد

و إذا إجتمع صينيان

فكرا في تقليد ما إخترعه اليابانيان

وإذا إجتمع هنديان

فإنهما يدعوان لديانه جديده بعد إختراع طقوسها

أما إذا إجتمع إيطاليان

فثالثهما طبق مكرونه إيطالي

وإذا إجتمع فرنسيان

إبتكرا عطراً جديداً أو تصميماً لأزياء جديدة

وإذا إجتمع إسرائيليان

كونا حزباً متطرفاً وقاموا بقتل بعض العرب ليحصلوا على أصوات في الكنيست

أما إذا إجتمع عربيان

فإنهما يتبادلان تهم الخيانة والعماله والفساد

ولهذا السبب إستقرت الدول العربيه على إنشاء مكان مخصص يمارسون فيه هذه الهوايه كلما مرت بهم الأزمات

ألا وهو جامعة الدول العربية



تحديث
تم نشر هذا المقال بجريدة العربي الناصري
في عددها رقم 1188الصادر يوم الأحد 27/12/2009
(اضغط على الصورة للتكبير)


الشعراء:

#علاء_سالم إبراهيم أبو زيد إبراهيم اليازجي إبراهيم جمال إبراهيم طوقان إبراهيم عمر الأمين إبراهيم عيسى إبراهيم محمد إبراهيم إبراهيم ناجي ابن الجوزي ابن الخياط ابن الدهان ابن الرومي إبن الفارض ابن الفارض ابن القيم ابن المعتز ابن النبيه المصري ابن حزم الأندلسي إبن خلدون ابن خلدون ابن رزيق البغدادي ابن زيدون ابن سهيل الأندلسي ابن عبد ربه ابن عربي ابن نباتة المصري أبو إسحاق الألبيري ابو الاسود الدؤلي أبو البقاء الرندي أبو العتاهية أبو العلاء المعري أبو القاسم الشابي أبو تمام أبو صخر الهذلي أبو فراس الحمداني أبو نواس أبيات أبيات، علاء سالم إحسان البني أحمد الصافي النجفي أحمد المنعي أحمد بخيت أحمد رامي أحمد شوقي أحمد فتحي أحمد مطر أدب روسي مترجم أدب عربي إدريس جماع ادريس جماع أدونيس أسعد الغريري أشعار الثورة العربية أغاني أطفال الأخطل الصغير الإشبيلي الأصمعي الأعشى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الإمام الشافعي الإمام الشوكاني الإمام علي بن أبي طالب الأمير عبد الله الفيصل الباخرزي البحتري البرعي الثورة السورية الحطيئة الحلاج الخبز أرزي الرافعي الرصافي السمؤال السهروردي الشاب الظريف الشاعر القروي الشريف الرضي العباس بن الأحنف القشيري القيرواني المتنبي المجاهد المصري النابلسي الناشئ الأكبر النيسابوري الهادي آدم الهبل الواواء الدمشقي أم حمادة الهمذانية أماني العربي أمرؤ القيس امرؤ القيس أمل الشيخ أمل دنقل أمين ناصر الدين أنور سلمان أنور سليمان إيليا أبو ماضي بدر شاكر السياب بدوي الجبل بشار بن برد بلبل الغرام الحاجري بهاء الدين زهير تحميل كتب تميم البرغوثي جبران خليل جبران جرير جعفر ماجد جلال الدين الرومي جليلة رضا جميل الساعدي جميل بثينة حافظ إبراهيم حامد زيد حذيفة العرجي حسان بن ثابت حسن شحاتة حسن مرواني حكم وأقوال مأثورة حمزة شحاتة حنين عمر خالد الحصيني خليل فواز د. جمال مرسي د. مانع سعيد العتيبة د. مصطفى محمود دلال البارود دواوين كاملة ديك الجن رابعة العدوية رباعيات رثاء رسل راكان رشيد الخوري روائع روائع نثرية روائع٢ روضة الحاج رياض بن يوسف زكي الياسري زكي مبارك زهير السيلاوي سعاد الصباح سعيد يعقوب شاعر شؤون عربية وإسلامية شعر إسلامي شعر الثورة المصرية شعر الحب والغزل شعر الحكمة شعر الغزل الصريح شعر روسي مترجم شعر سياسي شعر عن الأم شعر مترجم شعراء شكسبير صالح الشرنوبي صباح الحكيم صبحي ياسين صريع الغواني صفوان التجيبي صفي الدين الحلي طرفة بن العبد عازر نجار عباس العقاد عبد الرازق عبد الواحد عبد الرحمن العشماوي عبد الرحمن يوسف عبد السلام رزيق عبد العزيز المذهل عبد العزيز جويدة عبد الغفار الأخرس عبد الله البردوني عبد الله الشبراوي عبد الناصر الشيخ عبد الواسع السقاف عبدالرازق عبدالواحد علاء جانب علاء سالم علاء_سالم علي الجارم علي بن الجهم علي بن هارون المنجم علي صالح القرعاوي علي فريد علي محمود طه عمر أبو ريشة عمر الفرا عُمَر الفرا عمر بن أبي ربيعة عمر طش عنترة بن شداد عيسى جرابا غادة السمان غازي القصيبي غزل فاحش فاروق النمر فاروق جويدة فاروق شوشة فالح بن طفلة فتى الشاطئ فهد العسكر فواز اللعبون قصائد بصوت فيروز قصائد مسموعة قصائد مغناة بصوت كاظم الساهر قيس بن الملوح قيس بن ذريح قيس لبنى كامل الشناوي كريم العراقي كريم معتوق كعب بن زهير لسان الدين الخطيب ماجد عبدالله مانع سعيد العتيبة محمد البياسي محمد الشهاوي محمد المقرن محمد جانب محمد جمال حجازي محمد جنيدي محمد شكر محمد شهاب الدين العربي محمد علوان محمد محمود الزبيري محمود حسن إسماعيل محمود درويش محمود سامي البارودي محمود غنيم مختارات مميزة مريد البرغوثي مصطفى حامد مصطفى صادق الرافعي مصطفى قاسم عباس مصطفى لطفي المنفلوطي مصعب السحيباني مظفر النواب معن بن أوس مقالات سياسية مـقـالاتــي مقولات من نوادر العرب من هنا وهناك مناسبات منية بن صلاح ميسون السويدان نازك الملائكة نجم الحصيني نجيب سرور نزار قباني نزار قباني - شعر سياسي نزار قباني ٢ نشوى جرار نور سليمان هاشم الرفاعي هالا محمود هشام الجخ وئام الليثي وداد العاقل وشاح إشبيليا ولادة بنت المستكفي ويليام شكسبير ياسر الأقرع يحيى السماوي يحيى توفيق حسن يزيد بن معاوية