لا تقل ما دمع فنّي لا تسل ما شجو لحني
منك أبكي و أغنّيك فما يؤذيك منّي
سمّني إن شئت نوّحا و إن شئت مُغَنّي
فأنا حينا أعزّيك و أحيانا أهنّي
لك من حزني الأغاريد و من قلبي التمنّي
أنا أرضي الفنّ لكن كيف ترضي أنت عنّي
كلّ ما يشجيك يبكيني و يضني و يُعَنّي
فاستمع ما شئت و اتركني كما شئت أغنّي
***
لا تلمني إن بكى قلبي و غنّاك بكايا
لا تسلني ما طواني عنك في أقصى الزوايا
ها أنا وحدي و ألقاك هنا بين الحنايا
ها هنا حيث ألاقيك طباعا و سجايا
حيث تهوي قطع الظلما كأشلاء الضحايا
و تطلّ الوحشة الخرسا كأجفان المنايا
و الدجى ينساب في الصمت كأطياف الخطايا
و السكون الأسود الغافي كأعراض البغايا
و أنا أدعوك في سرّي و أحلامي العرايا
***
يا رفيقي في طريق العمر في ركب الحياة
أنت في روحيّتي روح و ذاتٌ ملء ذاتي
جمعتنا وحدة العيش و توحيد الممات
عمرنا يمضي و عمرٌ من وراء الموت آتي
نحن فكران تلاقينا على رغم الشتات
نحن في فلسفة الفنّ كنجوى في صلاة
أنا كأس من غنى الشوق و دمع الذكريات
فاشرب اللّحن ودع في الكأس دمع الموجعات
هكذا تصبو كما شاءت و تبكي أغنياتي
***
يا رفيقي هات أذنيك و خذ أشهى رنيني
من شفاه الفجر أسقيـك و خمر الياسمين
من معين الفنّ أرويـك و لم ينضب معيني
لك من أنّاتي اللّحن و لي وحدي أنيني
و لك التغريد من فنّي و لي جوع حنيني
إن لي في عزلة الشعر كأشواق السجين
حيث ألقاك هنا في خاطر الصمت الحزين
في أغاني الشوق في الذكرى و في الحبِّ الدفين
في الخيالات و في شكوى الحنين المستكين