مختارات من شعر الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
إِلامَ تَجُرُّ أَذيالَ التَصابي
وَشَيبُكَ قَد نَعى بُردَ الشَبابِ
وصوت الشيبِ بينَ يديكَ نادى
بِأَعلى الصَوتِ حَيَّ عَلى الذَهابِ
***
تَرَدَّ رِداءَ الصَبرِ عِندَ النَوائِبِ
وَكُن صاحِباً لِلحِلمِ في كُلِّ مَشهَدٍ
فَما الحِلمُ إِلّا خَيرُ خِدنٍ وَصاحِبِ
وَكُن حافِظاً عَهدَ الصَديقِ وَراعِياً
تَذُق مِن كَمالِ الحِفظِ صَفوَ المَشارِبِ
وَكُن شاكِراً لِلّهِ في كُلِّ نِعمَةٍ
يَثِبكَ عَلى النُعمى جَزيلَ المَواهِبِ
وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ
فَكُن طالِباً في الناسِ أَعلى المَراتِبِ
وَكُن طالِباً لِلرِزقِ مِن بابِ حِلَّةٍ
يُضاعَف عَلَيكَ الرِزقُ مِن كُلِّ جانِبِ
وَصُن مِنكَ ماءَ الوَجهِ لا تَبذُلَنَّهُ
وَلا تَسألِ الأَرذالَ فَضلَ الرَغائِبِ
وَكُن مُوجِباً حَقَّ الصَديقِ إِذا أَتى
إِلَيكَ بِبرٍ صادِقٍ مِنكَ واجِبِ
وُكُن حافِظاً لِلوالِدَينِ وَناصِراً
لِجارِكَ ذي التَقوى وَأَهلِ التَقارُبِ
***
إِذا ضاقَ الزَمانُ عَلَيكَ فَاِصبِر
وَلا تَيأَس مِنَ الفَرَجِ القَريبِ
وَطِب نَفساً بِما تَلِد اللَيالي
عَسى تَأتيكَ بِالوَلَدِ النَجيبِ
***
اللَيلُ هَولٌ يُرهِبُ المُهِيبا
وَيُذهِلُ المُشَجِّعَ اللَبيبا
فَإِنَّني أَهولُ مِنهُ ذِئباً
وَلَستُ أَخشى الرَوعَ وَالخُطُوبا
إِذا هَزَزتَ الصارِمَ القَضيبا
أَبصَرتُ مِنهُ عَجَباً عَجيبا
***
فَلَو كانَتِ الدُنيا تُنالُ بِفِطنَةٍ
وَفَضلٍ وَعَقَلٍ نِلتُ أَعلى المَراتِبِ
وَلَكِنَّما الأَرزاقُ حَظٌّ وَقِسمَةٌ
بَفَضلِ مَليكٍ لا بِحيلَةِ طالِبِ
***
لا تَطلُبَّنَ مَعيشَةً بِمَذَلَةٍ
وَاِربَأ بِنَفسِكَ عَن دَنِيِّ المُطلَبِ
وِإِذا اِفتَقَرتَ فَداوِ فَقرَكَ بِالغِنى
عَن كُلِّ ذي دَنَسٍ كَجِلدِ الأَجرَبِ
فَليَرجِعَنَّ إِلَيكَ رزقُكَ كُلُّهُ
لَو كانَ أَبعَدُ مِن مَقامِ الكَوكَبِ
***