كان للخليفة أبو جعفر المنصور ذاكرة قوية في حفظ الشعر فقد كان يستطيع حفظ القصيدة من سماعها مرة واحدة فقط وكان عنده غلام يحفظ القصيدة من سمعاها مرتين وجارية تحفظها من ثالث مرة .. فكان كلما جاءه شاعر بقصيدة جديده قال له أنه سمعها من قبل ورددها أمامه ثم طلب من الغلام ترديدها مرة أخرى ثم الجارية
وقد أعلن الخليفة عن جائزة للشاعر الذي يأتي له بقصيدة لم يسمعها من قبل
وهذه الجائزة هي أنه سوف يزن له ما كتب عليه القصيدة ذهباً .
وعندما عجز الشعراء عن ذلك لقوة حفظ الخليفة وغلامه وجاريته قرر الأصمعي أن يتحدى الخليفة بهذه القصيدة
وقد نحتها الأصمعي على لوح من الرخام لم يستطع أن يحمله إلا أربعة من جنود الخليفة
***
صـوت صــفير الـبلبـلِ
هيج قـــلبي الثمــلِ
المـــــــاء والزهر معاً
مــــع زهرِ لحظِ المٌقَلِ
و أنت يا ســـــــــيدَ لي
وســــــيدي ومولي لي
فكــــــــم فكــــم تيمني
غُـــزَيلٌ عقــــــــــيقَلي
قطَّفتَه من وجــــــــــنَةٍ
من لثم ورد الخــــجلِ
فـــــــقال لا لا لا لا لا
وقــــــــد غدا مهرولِ
والخُـــــوذ مالت طرباً
من فعل هـــذا الرجلِ
فــــــــولولت وولولت
ولـــــي ولي يا ويل لي
فقلت لا تولولـــــــــي
وبيني اللؤلؤ لــــــــــي
قالت له حين كـــــــذا
انهض وجــــــد بالنقلِ
وفتية سقــــــــــــونني
قـــــــــهوة كالعسل لي
شممـــــــــــتها بأنافي
أزكـــــــى من القرنفلِ
في وســط بستان حلي
بالزهر والســـــرور لي
والعـــود دندن دنا لي
والطبل طبطب طب لـي
طب طبطب طب طبطب
طب طبطب طبطب طب لي
والسقف سق سق سق لي
والرقص قد طاب لي
شـوى شـوى وشــــاهش
على ورق ســـفرجلِ
وغرد القمري يصـــــيح
ملل فـــــــــــي مللِ
ولــــــــــــو تراني راكباً
علــــى حمار اهزلِ
يمشي علــــــــــــى ثلاثة
كمـــــشية العرنجلِ
والناس ترجـُـــــــم جملي
في الســوق بالقلقلل
والكـــــــــل كعكع كعِكَع
خلفي ومـــن حويللي
لكـــــــــــن مشيت هارباً
من خشـــية العقنقلي
إلى لقاء مـــــــــــلكٍ
مــــــــــعظم مبجلِ
يأمر لي بخـــــــــــــلعة
حمـــراء كالدم دملي
أجــــــــــــر فيها ماشيا
مبغــــــــــدداً للذيلي
أنا الأديب الألمــعي من
حي أرض الموصلي
نظمت قطــــعاً زخرفت
يعجز عنها الأدب لي
أقول في مطلعــــــــــها
صوت صفير البلبلِ