أحمد مطر |
ودمٌ يُـضَـمِّــدُ لـلـسـيـوف جـراحـهــا ويُعـيـذهـا مـــن شـرهــا الـشـريــانُ
هــي فـتـنـة عـصـفـت بـكـيـدك كـلِّــه فـانـفــذ بـجـلــدك أيــهــا الـشـيـطـان
مــــاذا لــديــك؟ غــوايــةٌ؟ صـنـهــا فقـد أغـوى الغوايـة نفسهـا السلطـان
مـكــرٌ؟ وهــــل حـلّـفــت بـالـقــرآن قــرآنـــاً لـيـنـكــر أنـــــه قــــــرآن
كـفــرٌ؟ بـمــاذا؟ ديـنـنـا أمـســى بـــلا ديــــن وأعــلــن كــفــره الإيــمـــان
كـــذبٌ؟ ألا تـــدري بـــأنّ وجـوهـنـا زورٌ وأنّ نــفــوســنــا بـــهـــتـــان
قـرنــان؟ ويـلــك عـنـدنـا عــشــرون شيـطـانـاً وفـــوق قـرونـهـم تـيـجـان
يــا أيـهـا الشيـطـان إنــك لــم تـــزل غِـــرّا ولـيــس لـمـثـلـك الـمـيــدان
قـــف جـانـبًــا لــلإنــس أو لـلـجــن واتركـنـا فــلا إنــسٌ هـنـا أو جـــان
قــف جـانـبـاً كـــي لا تـبــوء بذنـبـنـا أو أن يـديــنــك بـاسـمـنــا الــدّيـــانُ
إن يـصـفـح الـغـفــار عــنــك فـإنـنــا لا يحـتـويـنـا الـصـفــح والـغــفــران
أُنــبــيــك أنّــــــا أُمّــــــةٌ أَمَــــــةٌ تبـاع وتشتـرى ونصيبهـا الحـرمـان
أُنـبــيــك أنّـــــا أُمّـــــةٌ أسـيــادهــا خـــدمٌ وخـيــرُ فـحـولـهـا خـصـيــان
قِطـعٌ مـن الكـذب الصقيـل فليـس فـي تـاريــخــهــم روحٌ ولا ريــــحــــان
أُســــدٌ ولــكــن يـحـدثــون بـثـوبـهـم إن حــركـــت أذنـابــهــا الـفــئــران
متعفـفـون وصبـحـهـم سـطــوٌ عـلــى قـــوت الـعـبــاد ولـيـلـهـم غـلـمــان
مـتـديــنــون وديــنــهــم بـدنـانــهــم ومـسـهّــدون وسُـكـرهــم ســكـــران
عـربٌ ولكـن لــو نـزعـت قشـورهـم لــوجـــدت أنّ الــلـــب أمـريــكــان
جـيـلان مــرّا لــم يـكـن فـــي ظـلـهـم ظـــــلٌ ولا بـوجــودهــم وجــــــدانُ
حتـى الـمـرارة أقلـعـت عــن نفسـهـا ولــنــا عــلــى إدمـانـهــا إدمـــــان
نـأتـي إلـــى الـدنـيـا وفـــي أعنـاقـنـا نــيــرٌ وفــــي أعـمـاقـنــا نــيـــران
تُخصـى لـنـا الأسـمـاع مـنـذ مجيئـنـا شـرعــاً ويُـعـمــل لـلـشـفـاه خــتــان
ونسـيـر مقلـوبـيـن حـتــى لا تُـــرى مـقـلــوبــة بـعـيـونـنــا الــبــلـــدان
والـــدرب مـتـضـح لـنــا فـوراءنــا مـتـعــقِّــبٌ وأمــامــنــا ســـجّــــانُ
فيخـاف مـن فـرط السـكـوت سكوتـنـا مـــن أن تـمــر بـذهـنـنـا الأذهــــان
ونخـاف أن يشـيَ السـكـوت بصمتـنـا فــكـــأنـــمـــا لــســكــوتـــنـــا آذان
لـو قـيـل للحـيـوان كــن بـشـراً هـنـا لـبـكـى وأعـلــن رفـضــه الـحـيـوانُ
كـم باسمنـا نشـب الـنـزاع ولــم يـكـن رأي لــنـــا بـنـشـوبــه أو شــــــان
وعـــدتْ علـيـنـا الـعـاديـات فلـيـلـنـا ثـــوبُ الـحــداد وصبـحـنـا الأكـفــان
وهــواؤنـــا آهــاتــنــا وتــرابــنــا دمــــــعٌ دمٌ وســمــاؤنــا أجـــفـــان
صحـنـا فـلـم يُشـفـق علـيـنـا عـقــربٌ نُـحـنـا ولـــم يَــرفــق بــنــا ثُـعـبــان
ومَـن المجيـر وقــد جــرت أقـدارنـا فــي أنْ يـجـور الأهـــل والـجـيـرانُ
قـلـنـا ومـطـرقــة الــعــذاب تـدقـنــا سـيـجــيء دورك أيــهــا الـســنــدان
وسيـأكـل الـسـرحـان لـحــم صـغــاره إن لــم يـجـد مـــا يـأكــل الـسـرحـان
فتـمـرّتِ الضـحـكـات فـــي دمعـاتـنـا وتـكـدرت مـــن صـحـونـا الـكـيـزان
حــتــى إذا مــــا ســكــرةٌ راحـــــت وجــاءت فـكـرةٌ وتـثـاءب النـعـسـان
غفلـتْ زوايـا الـحـانِ عــن ألحانـهـا وانـحـطـت الـشـرفـات والـحـيـطـان
وهـوى الهـوى متضرّجـاً بهـوانـه وانـهــدّ مـــن نـــدمٍ بـهــا الـنـدمـانُ
لـكـنـنـا فــــي الـحـالـتـيـن سـفـيـنــةٌ غـرقــت فـقــام يـلـومـهـا الــربــان
أمـــن الـعـدالـة أن نُـشــكَّ ونُشـتـكـى أم أن نــبــاع وجـلـدنـنــا الأثــمـــان
فـي لحظـة لعـنـت مصانعـهـا الـدمـى وتــبــرّأت مــــن نـفـسـهــا الأدران
وانساب "سيرك" المعجزات فها هنا قـــــدمٌ فـــــمٌ وفـصــاحــةٌ هــذيـــان
يُلـقـي بـهـا الإعــلام فــوق رؤوسـنـا صُـحـفـاً يـقــيء لعـهـرهـا الـغـثـيـان
فـزبــالــةٌ واسـتـبـدلــت بــزبــالــة أخـــرى ولـــم تسـتـبـدل الــجــرذان
وهــنــا مـلـيــك مــغــرم بـتــراثــه يحـسـو الـخـمـور وكـأســه فـنـجـان
وهـنـاك ثـــوريٌ يـؤســس دولـــة ً فــــي كــرشــه فـتـصـفـق الـثـيــران
وهـنـا ملـيـكٌ لـيـس يـمـلـك نـفـسـه فـمــه صــــدىً وضـمـيــره دكــــان
ومـفـكّـرٌ متـخـصـصٌ بـعـلـوم فـــرك الـخـصـيـتـيـن فــفــكــره ســـيــــلان
وشـواعــرٌ كـــي لا أسـمــي واحـــدًا يـتـسـتــرون وسـتــرهــم عــريـــان
يــزنــون بـالـقـبّـان أبـيـاتًــا لــهـــم فـيـمـيـل مــــن أوزانــــه الـقَـبّــان
فــــي كــفّـــةٍ تـسـبـيـلـةٌ ودراهـــــمٌ وبــكــفّـــةٍ تـفـعــيــلــةٌ وبــــيــــان
مـتـفـاعـلـن مـتـفـاعـلــن عِـــلّانـــةٌ مـتـفـاعـلــن مـتـفـاعـلــن عِــــــلّانُ
وتـقــرقــع الأوزان دون مـــبـــادئٍ لـمــبــادئٍ لـيــســت لــهـــا أوزان
فـالـحـاكــم الـمـغـتــال طــفـــلٌ وادعٌ والـمـودَعــون بـسـجـنــه غــيـــلان
وابـن الشـوارع فـارسٌ فــي سـاعـةٍ وبـسـاعـةٍ هــــو غــــادرٌ وجــبــانُ
هـل ينثنـي الجـزّارُ عـن جـرمٍ وهــل تـرتــد عــــن أخـلاقـهــا الـفـرســانُ
كــــلا ولــكـــن "الأنـــــا" ورمٌ وإن زادت فـــكـــلُّ زيــــــادةٍ نــقــصــان
يـبــدو التـنـاقـض عـنـدهـا متنـاسـقـاً والـلــون فـــي صفحـاتـهـا ألــــوان
هـو فـارسٌ مـا دام يفتـرس الـورى فــــإذا قُــرِصْــتُ فــإنــه قُــرصــان
وحـدي ولـو ذهــب الأنــام جميعـهـم وإذا ذهــبــت فـبــعــدي الـطــوفــان
يــا آيـــة الله الـجـديـد ومـــن لـقــى آيــاتِـــه الـحــشــرات والـــديـــدان
آمــنـــت أنـــــك آيـــــةٌ فــبــحــدّكَ اتّـحــد الـهــوى وتـفــرّق الـفـرقـان
طـوبـى لنبـلـك فــي الـجـهـاد فـمــرة أرض الـكـويــت ومــــرةً إيـــــران
وكـــأنّ خـارطــة الـجـهـاد أعــدّهــا "ميخـا" وأكـد رسمـهـا "المـعـدان"
الـقـدس ليـسـت مـــن هـنــا تـؤتــى ونعـلـم أنـهـا مـــن دونـهــا عـمّــان
والفـقـر لـيــس بـأرضـنـا فميـاهـنـا تـــروي الـمـيـاه ونفـطـنـا غـــدران
وبــوارج الغـربـاء قــد كـانـت هـنــا تحمـي حمـاك وهــم هـنـا قــد كـانـوا
إن كـنــت تـنـسـى أنــهــم نَـصَـبــوك مـحـرقـةً لـنــا فـسـيـذكـر الـنـسـيـان
لكنـمـا قـضــت الـروايــة أن يُـبــدّل مــشــهـــدٌ فــتـــبـــدّل الــبــنــيــان
مهمـا تخـلّـى فــي الـروايـة بعضـكـم عــــن بـعـضـكـم فجمـيـعـكـم خـــــلان
قـيـلَ الـهـوى فالـضـمُّ ضــمُّ حبـيـبـةٍ عـجـبًـا أتـنـبـتُ لـلـهــوى أســنــان
أتُــعـــدُّ قـنـبـلــةً فـتــدعــى قــبــلــةً ويُــعـــدُّ عــيـــدًا ذلـــــك الــعـــدوان
وأسيـرةٌ قـد حــرّرتْ وعجـبـتُ مــن حـــريـــةً نـسـمـاتـهــا قــضــبـــان
وشـريـدةٌ رجـعــت لـمـنـزل أهـلـهـا أيـنـالـهـا الإعــــراض والـنــكــران
أيـمــوت دون عـفـافـهـا إخـوانُـهــا أم يـسـتـبـيـح عـفـافـهــا الإخـــــوان
هــي سُـنـةٌ قــد سنّـهـا وثــنٌ فـمــاذا لـــــو قــفـــتْ آثـــــارهُ الأوثـــــان
إن الـلـواحــق لـلـسـوابـق تـنـتـمــي وصُـنــان أتـبــاع الــعِــدا صــنــوان
قــل للجـزيـرة كـيـف حـالـت حـائــلٌ وبـمـن جـــرت لخـرابـهـا نـجــران
وبـكـفّ مــن كــفُ القطـيـف تقطّـفـت وبـمـن تعـسّـر فـــي عـسـيـر أمـــان
ومَن احتسى الأحساء أو مَن ذا الـذي حـجــز الـحـجـاز وجـنــده رهــبــان
هـل عندنـا شيـخٌ يسمـى " شِكْسِبيـرَ " وهـــل تـطـيـر وتـقـصـف الـبـعـران
لا بـــل قـضــى شـــرع الأهــلــة أن تخـوض جهادهـا وسيوفهـا الصلبـان
كــرم الضيـافـة دائـمًـا يقـضـي بـــأنْ تُـطـوى الجـفـون وتـفـتـح السـيـقـان
معـنـى الـجـهـاد بعـصـرنـا أجـهـادنـا أو عـصـرُنــا وثـوابـنــا خــســـران
عثـمـانُ يُـقـتـل كـــلَّ يـــومٍ باسـمـنـا وتُـخـاط مــن أطـمـارنـا القـمـصـان
أنــا ضــد أمريـكـا إلــى أن تنـقـضـي هــذي الحـيـاة ويـوضــع الـمـيـزان
أنــا ضـدهـا حـتـى وإن رقّ الحـصـى يـومــاً وســـال الجـلـمـد الـصــوان
بـغـضـي لأمـريـكــا لــــو الأكــــوان ضـمـت بعـضـه لانـهـارت الأكــوان
هـي جـذر دوح الموبقـات وكــل مــا فـي الأرض مـن شـر هـي الأغـصـان
مَــن غيـرهـا زرع الطـغـاة بأرضـنـا وبـمــن سـواهــا أثـمــر الـطـغـيـان
حبـكـت فـصـول المسرحـيـة حـبـكـةً يـعـيـا بــهــا الـمـتـمـرس الـفـنّــان
هــــذا يــكــرّ وذا يــفــرّ وذا بــهــذا يـسـتـجــيــر ويـــبــــدأ الـغــلــيــان
حتـى إذا انقشـع الـدخـان مـضـى لـنـا جـــرحٌ وحــــلّ مـحـلّــه ســرطــان
وإذا ذئـــاب الـغــرب راعـيــة لـنــا وإذا جـمــيــع رعـاتــنــا خــرفـــان
وإذا بأصـنـام الأجـانــب قـــد ربـــت وإذا الــديــار وأهـلـهــا الـقــربــان
أنــا ياكـويـت قــد اكتـويـت وربـمــا بـشـواظ نـــاري تـكـتـوي الـنـيـران
صـحـراء هـمـي مالـهـا مــن آخــر وبـحــار حـزنــي مـالـهــا شــطــآن
تبـكـي شراييـنـي دمًــا فـــي مـدمـعـي وبـأدمـعــي تـتـضـاحــك الأحـــــزان
أنت القريبة فـي اللقـاء وفـي النـوى وأنـــا بـحـبــي الــغــارق الـظـمــآن
لـي مـنـك مــا للقـلـب مــن خفقـاتـه ولـديــك مـنــي الـوجــه والـعـنـوان
فلـقـد حملـتـك فــي الجـفـون مسـهّـدا كـــي لا يُـسـهّــدَ جـفـنــك الـوسـنــان
ومـلأت روحـي منـك حـتـى لــم يـعـد مـنــي لـروحــي مـوضــع ومـكــان
ما ذاب من فـرط الهـوى بـك عاشـق مثـلـي ولا عـــرف الأســـى إنـســان
قـالـوا هَـجـرتِ فقـلـتُ إنـــا واحـــدٌ وكـفــى وصـــالاً ذلــــك الـهـجــران
هـي موطنـي ولهـا فــؤادي مـوطـنٌ أتـفــرُّ مـــن أوطـانـهــا الأوطــــان
مـاذا علـى شجـرٍ إذا طــرد الخـريـفُ هَـــزازهـــا لــتــغــرّد الــغــربـــان
فـــي الـكـحــل لا تــجــد الأذى إلا إذا عـمـلـتْ عـلــى تكحـيـلـك الـعُـمـيـان
أنـــــا لا أزال أدق قـلــبــي خـائــفًــا ويــكــاد يُـخـفــي دقــتــي الـخـفـقــان
لا تـنـكــري تـعـبــي ولا تسـتـنـكـري غـضـبـي فـإنــي الـعـاشـق الـولـهـان
نُبّئـتُ أنـك قـد هرمـتِ وغـاض مــن غـيــظ الـخـطـوب شـبـابـك الـريــان
وعـلـمـتُ أنّ الـدارعـيـن تــدرّعــوا بطـنـيـنـهـم وســلاحــهــم أطـــنـــان
وبـدوا فهـوداً عـنـد منسـكـب الـنـدى وإذا بـهــم عـنــد الـــردى حُــمــلان
صمتوا لديـك لتلفظـي النفـس الأخيـر وبـعـدهـا عُــزفــتْ لــــكِ الألــحــان
ولطالما وعـدوا بنصـرك فـي الوغـى وعَـــدَوا وأبـلــغُ نـصـرهـم خِـــذلان
لـم يُمتشـق سـيـفٌ ولــم تُـسـرج لـهـم خـيــلٌ ولـــم تُـقـطـع لـهــم أرســـان
فجميـعـهـم قـــد كــذّبــوا وجمـيـعـهـم قــد مثّـلـوا وجميـعـهـم قـــد خـانــوا
كــم عِـبــرةٍ عـبــرت بـهـيـأة عَـبــرةٍ ونـــوازلٍ نـزلــت هـــي الـسـلـوان
يَضـرى بحـرق الـعـود نـشـر عبـيـره وبـضـربــهــا تــتــرنــم الــعــيــدان
قـالــت لـــي الـمـأســاة أن ولـيّـهــا ظُـلــمُ الــــولاةِ وأُمَّــهــا الإذعــــان
قـالــت ويـحـمـل جـثـتـي الـطــاوي ويهـرب مـن حفيـف ثيابـيَ الشبـعـان
قـالــت ويـقــدحُ نــــاريَ الـجـبـنـاءُ لـكــن يـكـتـوي بحـريـقـيَ الشـجـعـان
وأقــــول كــــل بــلادنـــا مـحـتـلــةٌ لا فــرق إن رحــل الـعـدا أو رانـــوا
مـــاذا يـفـيـد إذا استـقـلـت أرضــنــا واحــتُــلّـــتِ الأرواح والأبـــــــدان
سـتـعـود أوطـانــي إلـــى أوطـانـهــا إن عـــاد إنـسـانًــا بــهــا الإنــســان
*****
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء - فاروق جويدة
ما كان خوفي من وداع قد مضى ، بل كان خوفي من فراقٍ آتِ
وأتيتَ تسأل ياحبيبي عن هوايا - فاروق جويدة