مررت بشيخ أصفر العقل و اليد يدبّ على ظهر الطريق و يجتدي
ثقيل الخطى يمشي الهوينى بجوعه واحزانه مشي الضرير المقيّد
و يمضي و لا يدري إلى أين ينتهي و لم يدر قبل السير من أين يبتدي
و يزجي إلى الأسماع صوتا مجرّحا كئيبا كأحلام الغريب المشرّد
يمدّ اليد الصفرا إلى كلّ عابر و لم يجن إلاّ اليأس من مدّة اليد
فيلقي على الكفّ النحيل جبينه و يسأل هل في الأرض ظلّ لمسعد
هو الشرّ ملء الأرض و الشر طبعها هو اشر ملء الأمس و اليوم و الغد
وهذا غبار الأرض آهات خيّب و هذا الحصى حبذات دمع مجمّد
رمى الشيخ فيما حوله نظرة الأسى ومرّ كطيف المستكين المهدّد
فيا للفقير الشيخ يمشي على الطّوى و في مأتم الشكوى يروح و يغتدي
يظنّ أكفّ الناس تهوي بجودها إليه و لم يبصر سوى وهمه الردي
و جوع يلوّي نفسه في ضلوعة فينساق لا يدري إلى أين يهتدي .