أحس بريح ٍ كريح الجنان تهب بأعماق روحي هبوبا
وأشعر أن القوافي تدب... كالنمل ملء دماغي دبيبا
فهذا يزوغ, وذاك يروغ وذلك يذعن لي مستجيبا
وذاك يفارقني يائساً وهذا يواعدني أن يؤوبا
ومنها أصوغ حياة الشعوب وأذكي على قاتليها الحروبا
ومنها أوزع للعالمين طهراً وأنشر في الأرض طيبا
ومنها أسُودُ , ومنها أجودُ ومنها أقارع عني الخطوبا
ومنها أصور هذا الوجود واكشف منه البديع العجيبا
ومنها الشوارد مثل البروق تحيي الموات, وتروي الجديبا
إذا لمست مهجتي لمسةً توثب قلبي بصدري وثوبا
ومنها الأوابد لم تسكن.. العقول, ولم تأو قط القلوبا
إّذا نزلت خاطري, فزّعت كوحش يواجه مصراً خصيبا
ومنها المواليد تأتي الوجود فتأبى الزوال, وتأبى المشيبا
أراها , فأحقر شأن الردى بعيداً أتى أم أتاني قريبا
أُخلف منها لقاح النهى وأصنع للأرض منها شعوبا
وأزهو بها راضياً معجبا بأني ولدتُ الكثير النجيبا
ومنها المطايا إذا اقتدتُها فتحت السما, وهتكت الغيوبا
ومنها النوافر لا يستطيع ...إلا نبيٌ عليها الركوبا
وأكثرها مفلتُ من يدي يغيب ولا يشتهي أن يغيبا
حروف الروي بها نطفةٌ ترعرع بيتاً عريقاً نسيبا
يضمخه الجرح من مهجتي ويخرجه من دماءٍ خضيبا
**
وقافية تبتغي في البحور دراً أصيلاً وصيداً جليبا
ووزن تحمل ثقل الجبال ...يقسم في طيه أن تذوبا
ومعنى يسير إلى لفظه ولفظ لمعناه يجري دؤوبا
وكل له موضع معلم يؤول اليه رشيداً لبيبا
يسارع كل إلى شكله ويطلب كل ضريبٍ ضريبا
كأن بعقلي لها جنةً يلاقي بها كل صب حبيبا
نواميس يسعى إليها الكلام ويبغي له من خلود نصيبا
أسلم نفسي لها ذاهلاً حريصاً عليها بشوشاً طروبا
واصمت مستمعاً تارة وأصرخ حيناً عبوساً غضوبا
ولولا اهتدائي لسر النبوغ وأغراضه , لطلبت الطبيبا
وما كان عقلي أجيراً لها ولا كنت منها لكسب طلوبا
ولكنها قدرٌ غالبٌ قضى أن أكون فكنت الأديبا
كذاك طبعت ومن يستطيع ...من طبعه مؤئلاً أو هروبا
أحب القريض وأحيا به مع الهول طفلاً ضحوكاً لعوبا
وروح الطفولة في نزعتي وفني ستمنعني ان أشيبا
وأما البياض على مفرقي فقد صاركالناس لوناً كذوبا
فإني أضخمكم دولة وإن خلتموني طريداً سلبيا