يُروى أنّ أحد الخُلفاء ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ مجموعةً من الشُّعراء :
ﻓﺼﺎﺩﻓﻬﻢ ﺷﺎﻋﺮٌ ﻓﻘﻴﺮٌ ﺑﻴﺪﻩ ﺟﺮّﺓ ﻓﺎﺭﻏﺔ، ﺫﺍﻫﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﻤﻸﻫﺎ ﻣﺎﺀً ﻓﺘﺒﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ، ﻓﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔُ ﻓﻲ ﺇﻛﺮﺍﻣﻬﻢ ﻭﺍﻹﻧﻌﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ،
ﻭﻟّﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺮَّﺟﻞَ ﻭﺍﻟﺠﺮَّﺓَ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ، ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﺍﻟﺮّﺛﺔ ؛ ﻗﺎﻝ :
"ﻣﻦ ﺃﻧﺖ ؟ ﻭﻣﺎ ﺣﺎﺟﺘﻚ ؟"
ﻓﺄﻧﺸﺪ ﺍﻟﺮَّﺟﻞ :
"ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖُ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺷَﺪُّﻭﺍ ﺭﺣﺎﻟَﻬُﻢ ﺇﻟﻰ ﺑﺤﺮِﻙ ﺍﻟﻄَّﺎﻣﻲ،
ﺃﺗﻴﺖُ ﺑِﺠﺮﺗّﻲ ..
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ : ﺍﻣﻸﻭﺍ ﻟﻪ ﺍﻟﺠَّﺮﺓ ﺫﻫﺒﺎً ﻭﻓﻀّﺔ.
( ﻓﺤﺴﺪﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ )، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ :
ﻫﺬﺍ ﻓﻘﻴﺮٌ ﻣﺠﻨﻮﻥ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺭﺑّﻤﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ ﻭﺿﻴّﻌﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔُ :
"ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ".
ﻓﻤُﻠﺌﺖ ﻟﻪ ﺟﺮّﺗﻪ ﺫﻫﺒﺎً؛ ﻭﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ .. ﻓﻔﺮّﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺑﻠﻎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﺎﻩ ﻭﺳﺄﻟﻪ عن ذلك :
ﻓﻘﺎﻝ :
"ﻳﺠﻮﺩُ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺨﻴِّﺮﻭﻥ ﺑﻤﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻧﺤﻦُ ﺑﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴَّﺮﻳﻦ ﻧﺠُﻮﺩ"
ﻓﺄﻋﺠﺐ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺠﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺃﻣﺮ ﺃﻥ ﺗُﻤﻸ ﺟﺮّﺗُﻪ ﻋﺸﺮ ﻣﺮّﺍﺕ،
ﻭﻗﺎﻝ :
ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻌﺸﺮ ﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ.
ﻓﺄﻧﺸﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ :
ﺍﻟﻨّﺎﺱُ ﻟﻠﻨّﺎﺱِ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀُ ﺑﻬﻢ، ﻭﺍﻟﻌﺴﺮُ ﻭﺍﻟﻴُﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕٌ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨّﺎﺱِ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟُﻞٌ، تُقضَى على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨّﺎﺱِ ﺣﺎﺟﺎﺕ
ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦَّ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣَﺪٍ، ﻣﺎ ﺩُﻣﺖ ﺗﻘﺪﺭ ﻭﺍلأيّامُ تارات
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻُﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟُﻌﻠﺖ ﺇﻟﻴﻚ، ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡٌ ﻭﻣﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋِﻠُﻬﻢ، ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡٌ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕ