قالوا : يجوز للشاعر ما لا يجوز للناثر .
ه===========================ه
وهذه المقولة تتخذ كذريعة لكتابة أي شيء يخطر ببال الشاعر ، فيجور على النحو مثلا من أجل الوزن ، مستشهدا بمشاهير الشعراء الذين قد يكونوا كتبوا ما استشهد به سهوا أو سوء نقل لنا عنهم .
لا يجوز أبدا للشاعر أن يفعل هذا ، ببساطة لأنه مبدع ، والمبدع هو الأقدر على تجنب الخطأ . أما عن الحالات التي يجوز للشاعر فيها الجور على النحو كضرورة شعرية فهي :
1- تنوين ما لا ينصرف
===============ه
كقول امرئ القيس :
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ٍ*** فقالت لك الويلات إنك مرجلي
الشاهد ( عنيزةٍ) فهي مصروفة والمقصود بالصرف هنا ( التنوين ) وكلمة ( عنيزة ) ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث ففي النثر لا يجوز لنا تنوينها
2- تنوين المنادى المبني مثل :
=====================
ليت التحية لي فأشكرها ***مكان يا جملٌ حييت يا رجل
الشاهد ( جملٌ) حيث نون ( جملٌ) وهو منادى مبني على الضم فيقال في النثر : يا جملُ بضمة واحدة والتنوين بالضم ( ضمتين ) خاصة هنا بالبيت ليستقيم الوزن .
3- مد المقصور كقوله:
ه===============
سيغنيني الذي أغناك عني *** فلا فقر يدوم ولا غناء
الشاهد ( غناء ) حيث مد الشاعر ليستقيم الوزن وفي النثر تكتب غنى
4- زيادة حرف الإشباع الناتج عن الضم أو الكسر أو الفتح كقوله :
ه===============
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة *** نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
الشاهد ( الدراهيم ,الصياريف ) فالياء في الدراهيم والصياريف إشباع لحركتي الهاء والراء والحركة هي ( الكسرة ) وفي النثر ( الدراهم – الصيارف) وعندما تشبع ينتج عنها الياء والضم ينتج عنه الواو والفتح ينتج عنه الألف وهذا خاص بالشعر فقط عند الضرورة ليستقيم الوزن
5- قصر الممدود كقوله :
ه===============
لا بد من صنعا وإن طال السفر *** وإن تحنى كل عود ودبر
الشاهد ( صنعا ) أصلها صنعاء بالمد لكن الشاعر قصرها هنا ليستقيم الوزن
6- ترخيم غير المنادى مما يصلح للنداء كقوله :
ه===============
لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره *** طريف بن مالٍ ليلة الجوع والخطر
الشاهد (ابن مالٍ) وهو يريد (ابن مالك ) حيث حذف الكاف مع أنه لم يسبق بحرف نداء وهذا خاص بالشعر ليستقيم الوزن
7- ترك تنوين المنصرف ( الذي يستحق التنوين) كقوله :
ه===============
وما كان حصن ولا حابس *** يفوقان مرداس في مجمع
الشاهد ( مرداس ) فالشاعر هنا لم ينون ( مرداس ) مع إنه غير ممنوع من الصرف ( التنوين )
8- قطع همزة الوصل مثل :
ه===============
إذا جاوز الإثنين سر ، فإنه ، *** بنث وتكثير الحديث قمين
الشاهد ( الإثنين) فالشاعر هنا قطع همزة الاثنين والصحيح في النثر أن اثنين همزة وصل تنطق ولا تكتب لكن الشاعر حقق الهمز ليستقيم الوزن
وتكون همزة الوصل في الحالات التالية :
* الأسماء العشرة : اسم ، ابن ، ابنه ، اثنان ، اثنتان ، امرؤ ، امرأة ، است ، ابنم ، ايم الله والمثنى والمنسوب من هذه الأسماء همزته همزة وصل مثل المثنى: ابنان المنسوب مثل : الاسمية أما ما يجمع من هذه الأسماء همزته همزة قطع مثل : أبناء ، أسماء
* في أمر الفعل الثلاثي مثل: اكتب
* في ماضي الفعل الخماسي المبدوء بهمزة مثل : ارتحل
* في أمر الفعل الخماسي مثل: اِجتهد .
*في مصدر الفعل الخماسي مثل : اجتماع
* في ماضي الفعل السداسي مثل : استخرج
* في مصدر الفعل السداسي مثل : استخراج
9- وصل همزة القطع مثل:
ه===============
أبوه أبي والأمهات امهاتنا *** فأنعم فداك اليوم أهلي ومعشري
الشاهد ( امهاتنا) حذف الهمزة مع أنها قطع
10-فك المدغم مثل :
ه===============
الحمد لله العلي الأجلل *** أنت مليك الناس ربا فأقبل
الشاهد ( الأجلل ) والصحيح الأجل بتشديد اللام والتشديد عبارة عن حرفين الأول ساكن والثاني متحرك فيدغم الأول في الثاني ويصبح حرفا واحدا مشددا
11-إدغام المفكوك مثل:
ه===============
وكأنها النساء سبيكة *** تمشي بسدة بيتها فَتُعي
الشاهد ( فتعي) فأدغم والأصل فك الإدغام فتعيي
12-تقديم المعطوف مثل:
ه================
ألا يا نخلة في ذات عرق *** عليك ورحمة الله السلام
الشاهد ( ورحمة الله السلام ) حيث قدم المعطوف ( رحمة ) وأخر المعطوف عليه ( السلام ) والصواب السلام عليك ورحمة الله لكن ليستقيم البيت
13-تحريك المضارع المجزوم أو الأمر المبني على السكون بالكسر
=======================ه
والمثال على تحريك الضارع المجزوم وفعل الأمر المبني على السكون مثل:
ومثلك من كان الوسيـــــــط فؤاده *** فكلــــــــــمه عني ولم أتكلمِ
ولو كنت أدري كم حياتي قسمتها *** وصيرت ثلثيها انتظارك فاعلمٍ
الشاهد ( أتكلم ) فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون لكنه هنا حرك بالكسر لأجل الوزن .
والشاهد الثاني ( اعلم ) فعل أمر مبني على السكون وهنا حرك بالكسر لأجل الوزن
14-تخفيف المشدد مثل :
=================ه
لي بستان أنيق زاهر *** غدق ، تربته ليست تجفْ
الشاهد ( تجف) فالشاعر خفف والصحيح أن الفاء مشددة
15-تخفيف الهمزة مثل :
================ه
هو الله باري الخلقٍ والخلقُ كلهم *** إماء له طوعا جميعا وأعبد
الشاهد ( الباري ) بدون همزة على الياء وهو تخفيف هنا من الشاعر ليستقيم الوزن والصحيح (البارئ)
16-تثقيل المخفف مثل :
================ه
أهان دمك فرغا بعد عزته *** يا عمرو بغيُك إصرار على الحسد
الشاهد ( دمك ) فالميم في البيت مشددة والصحيح ( دمْ)
17-تسكين المتحرك مثل :
=================ه
وقد يقال عثار الرِجل إن عُثرت *** ولا يقال عثار الرجْل إن عُثرا
الشاهد ( الرجل ) في عجز البيت ، حيث سكن الشاعر حرف الجيم والصحيح أنها محركة
18-تحريك الساكن مثل :
================ه
تبقى صنائعهم في الأرض بعدهمُ *** والغيث إن سار أبقى بعده الزهَرا
الشاهد ( الزهرا) حيث حرك حرف الهاء بالفتح والصحيح تسكينه
19-تحريك ميم الجمع كما في البيت السابق في ( همُ)
20-حذف حرف من كلمة مثل قول المتنبي :
======================ه
نحن قوم مِ الجن في زي ناس *** فوق طير لها شخوص الجمال
الشاهد ( مِ) حيث حذف النون من لفظة (من )
هذه الحالات التي تجيز للشاعر تخطي قواعد اللغة ، وهي الحالات المعترف بها لغويا دون غيرها فإذا سمح الشاعر لنفسه بتجاوز حالات غير ما ذكر ، فإن هذا يعتبر عيبا من عيوب الشعر .
تنويه : هذه الحالات عند الضرورة فقط.