ما راعني في الليل إلا أن أرى
شبحاً بأثواب الدجى يتلفَّع
يمشي الهوينى شاكياً فكأنه
صبٌ بساعات الرحيل يودع
فدنوت منه محاذراً فإذا به
حسناء أنهكها الأنين الموجع
فهتفت ما بال الفتاة أرى لها
قلباً يفيض أسىً وعيناً تدمع
من أنت يا فتاة؟ قالت يا فتى
إني أنا مصر التي تتوجـع
أبكي على مجدي وأندب عزتي
هذان فقدْهُما مصاب مجزع
ناديتها: نفسي فِداؤك لا البكا
يجدي ولا طول التفجع ينفع
إن كان ساءك أن أرضك قد غدت
مرعىً به ذئب الغواية يرتـع
فهنا جند قام يسعى جاهداً
في الدين يقتلع الفساد وينزع
لله در القوم إن نفوسهم
لتشع بالحق اليقـين وتنبـع
فتحملوا ألم الأذى ببسالة
وأمضهم كأس العذاب المنزع
ففتى العقيدة مثخنٌ بجراحه
والشيخ يُضرب بالسياط ويُقرع