أحمد مطر |
الموجز
ليسَ في النّاسِ أمانْ
ليسَ للنّاسِ أمانْ
نِصفُهمْ يَعْملُ شرطيّـاً لدى الحاكمِ
.. والنصفُ مُـدَانْ !
===================
كُنتُ في ( الرّحـْمِ ) حزينـاً
دونَ أنْ أعرِفَ للأحـزانِ أدنى سَبَبِ !
لم أكُـنْ أعرِفُ جنسيّـةَ أُمّـي
لـمْ أكُـنْ أعرِفُ ما ديـنُ أبـي
لمْ أكُـنْ أعرِفُ أنّـي عَرَبـي !
آهِ .. لو كُنتُ على عِلْـمٍ بأمـري
كُنتُ قَطَّعتُ بِنفسي ( حَبْـلَ سِـرّي )
كُنتُ نَفّسْتُ بِنفسي وبِأُمّـي غَضَـبي
خَـوفَ أنْ تَمخُضَ بي
خَوْفَ أنْ تقْذِفَ بي في الوَطَـنِ المُغتَرِبِ
خَوْفَ أنْ تَحْـبَلَ مِن بَعْـدي بِغَيْري
ثُـمّ يغـدو - دونَ ذنبٍ -
عَرَبيـّاً .. في بِلادِ العَرَبِ !
===================
يومَ ميلادي
تَعَلَّقْتُ بأجراسِ البُكاءْ
فأفاقَتْ حُزَمُ الوردِ , على صوتي ،
وفَزَّتْ في ظَلامِ البيتِ أسرابُ الضِياءْ
وتداعى الأصدقاءْ
يَتَقَصَّوْنَ الخَبَرْ
ثُمّ لـَمَّا عَلِموا أنّي ذَكَرْ
أجهشوا .. بالضحكِ ,
قالوا لأبي ساعةَ تقديمِ التهاني :
يا لَـهَا من كبرياءْ
صوتُهُ جاوزَ أعنانَ السَماءْ
عَظَّمَ اللهُ لكَ الأجْرَ
على قَدْرِ البلاءْ !
===================
ألبَسـوني بُرْدَةً شَفّافـَةً
يَومَ الخِتانْ .
ثُمّ كانْ
بَـدْءُ تاريـخِ الهَـوانْ !
شَفّـتِ البُردةُ عَـنْ سِـرّي ،
وفي بِضْـعِ ثَوانْ
ذَبَحـوا سِـرّي .
وسـالَ الدّمُ في حِجْـري
فَقـامَ الصَّـوتُ مِـن كُلِّ مَكانْ :
أَلفَ مَبروكٍ
.. وعُقبى لِلّسـانْ !
===================
صاحبي كانَ يُصَلِّي
- دونَ ترخيصٍ -
ويتلو بعضَ آياتِ الكتابْ .
كانَ طفلاً
ولذا لم يَتَعرَّضْ للعقابْ .
فلقد عَزَّرَهُ القاضي
.. وتاب !
===================
نحنُ لسنا فُقَراءْ
بَلَغَتْ ثَروتُنا مليونَ فَقْرٍ
وغدا الفَقْرُ لدى أمثالِنا
وصفاً جديداً للثَّراءْ !
وَحْدَهُ الفقرُ لدينا
كانَ أغنى الأغنياءْ !
* * *
بيتُنا كانَ عَرَاءْ
والشبابيكُ هواءٌ قارسٌ
والسقفُ ماءْ !
فشكونا أمرَنا عند وَليِّ الأمرِ
فأغْتَمَّ
ونادى الخُبَراءْ
وجميعَ الوزراءْ
وأُقِيمت نَدوةٌ واسعةٌ
نُوقِشَ فيها وَضْعُ ( إيرْلَنـدا )
وأنفُ ( الجيوكندا )
وفساتينُ ( أميلدا )
وقضايا ( هونو لولو )
وبطولاتُ جيوشِ الحُلفاءْ !
ثُمَّ بَعْدَ الأخْذِ و الرّدِّ
صباحاً وَمَسَاءْ
أصدرَ الحاكِمُ مرسوماً
بإلغاءِ الشتاءْ !
===================
ترَكَ اللّصُّ لنـا ملحوظَـةً
فَـوقَ الحَصيرْ
جاءَ فيها :
لَعَـنَ اللّهُ الأمـيرْ
لمْ يَـدَعْ شيئاً لنا نسْرِقَـهُ
.. إلاَّ الشّخـيرْ !
===================
ذاتَ يـومٍ
رَقصَ الشعبُ وغَـنّى
واحتسى بَهْجَتَـهُ حتّى الثمالَـةْ
إذ رأى أوّلَ حالَـةْ
تَنْعمُ البلدةُ فيها بالعدالَـةْ :
زَعَموا أنَّ فتىً سَبَّ نِعالَـهْ
فأحالوهُ إلى القاضي
ولم يُعْدَمْ
بدعوى شَتْمِ أصحابِ الجلالَـةْ !
===================
رَصَفوا البَلْدةَ , يومـاً
بالبَـلاطْ
ثُمَّ لَمّـا وَضَعوا فيه المِـلاطْ
مَنَعوا أيَّ نَشاطْ
فالتـزَمْنا الدورَ
حتّى يتأتّى للمُـلاطْ
زَمَنٌ كافٍ لكي يَـلْصُقَ جِدّاً
بالبِـلاطْ
===================
لأبي كانَ مَعاشٌ
هو أدنى من معاشِ المَيِّتـينْ !
نِصفُهُ يَذهَبُ للدَّيْـنِ
و ما يَـبقى
لِغَوثِ اللاجئـينْ
ولتحريرِ فلسطينَ من المُغتَصِبـينْ
وعلى مَرِّ السنـينْ
كانَ يزدادُ ثَـراءُ الثائـرينْ !
والثـرى ينقصُ من حـينٍ لحـينْ
وسُيوفُ الفتحِ تَنْـدَقُّ إلى المِقْـبَضِ
في أدبـارِ جيشِ ( الفـاتحينْ )
فَتَـلِينْ
ثُمَّ تَنْـحَلُّ إلى أغصانِ زيتونٍ
وتَنـحَلُّ إلى أوراقِ تـينْ
تتـدلّى أسفلَ البَطْـنِ
وفي أعـلى الجَبـينْ !
وأخيـراً قَبِـلَ الناقصُ بالتقسيمِ
فانشقَّتْ فَلَسـطينُ إلى شقّـينِ :
للثوّارِ : فَـلْسٌ
ولإسـرائيلَ : طِيـنْ !
* * *
وأبي الحافي المَـدينْ
أبيَ المغصوبُ من أخمـصِ رجليـهِ
إلى حبل الوَتينْ
ظَلَّ – لا يدري لماذا -
وَحْـدَهُ
يَقبضُ باليُسـرى ويُلْقي باليَمـينْ
نفقاتِ الحربِ و الغوثِ
بأيـدي الخلفاءِ الشـاردينْ !
===================
فَتَحَـتْ شُبّاكَهـا جارتُنـا
فَتَحَـتْ قلـبي أنـا
لمْحـَـةٌ . .
واندَلَعَـتْ نافـورةُ الشّمسِ
وغاصَ الغَـدُ في الأمسِ
وقامَـتْ ضجّـةٌ صامِتـةٌ ما بينَنـا !
لـمْ نقُلْ شيئاً . .
وقُلنـا كُلُّ شيءٍ عِنـدَنا !
* * *
- يا أباهـا المؤمِنـا
سالـتِ النّارُ من الشُبَّاكِ
فافتَـحْ جَنّـةَ البابِ لَنـا
يا أباهـا إنّنـا . .
- لَستُـمْ على مذهبِنـا
- لكنّنـا ...
- لستُمْ ذوي جـاهٍ
ولا أهـلَ غِـنى
- لكِنّنـا . .
- لستُمْ تَليقـونَ بِنـا
- لكنّنـا . .
- شَـرّفْتَنـا !
* * *
أُغلِـقَ البابُ . .
وظلّـتْ فتْحَـةُ الشُّباكِ جُرحاً فاغِـراً
ينـزِفُ أشـلاءَ مُنـى
وخيالاتِ انتِحـارٍ
ومواعيـدَ زِنــى !
===================
كانَ جاري
مُلْحـداً
لكنَّـهُ يُؤمِنُ جداً
بأبي ذَرِّ الغِفـاري
ويرى أنَّ الغِـفاري
" بـروليتـاري " !
رائدٌ للاشتراكيَّةِ في هذي
الصحاري !
كانَ جاري
يَضَعُ الراكِبَ من تحتِ الحمارِ !
قُـلتُ : هذا رَجُـلٌ آمَنَ باللهِ
وقد جاهَـدَ في اللهِ
بأمرِ اللهِ
في عَصْـرِ الغُبـارِ
قَبْلَ تدليـكِ " الديـالكتيكِ "
أو عَصْـرِ البخـارِ !
قالَ : إنْ صَـحَّ وجـودُ اللهِ ،
فاللهُ إذَنْ . .
أوَّلَ موجـودٍ يَساري !
===================
كانَ حتّى الإكتِئـابْ
غارقاً في الإكتئـابْ
فَجـميعُ النـاسِ في بلدتِنا
بينَ قَتيـلٍ ومُصَابْ
والذي ليسَ على جُثَّتِـهِ بَصمةُ ظُفْرٍ
فعلى جُثَّتِـهِ بَصمةُ نابْ
كُلُّنا يحملُ خَتْـمَ الدولةِ الرسميِّ
من تحتِ الثيـابْ !
* * *
ذاتَ فَجـرٍ
مادتِ الأرضُ
وسادَ الإضطـرابْ
وإستفزَّ الناسَ من مَرْقَدِهـمْ
صوتٌ مُجَنْـزَرْ :
( تُـمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ
تُـمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ )
إنقـلابْ
تُـمْ تِرَمْ تُمْ ...
وانتهى عَهْـدُ الكِلابْ
* * *
بَعْدَ شَهْـرٍ
لَمْ نَعُدْ نخرجُ للشارعِ لَيْـلاً
لَمْ نَعُدْ نَحْمِلُ ظـلاً
لَمْ نَعُدْ نَمْشي فُـرَادى
لَمْ نَعُدْ نَمْلِكُ زادا
لَمْ نَعُدْ نفرحُ بالضيفِ
إذا ما دُقَّ عنـدَ الفجرِ بابْ
لَمْ يَعُدْ للفجـرِ بابْ !
* * *
فُـصُّ مِلْحِ الصُبـحِ
في مُستنقعِ الظُلْمـةِ ذابْ
هذهِ الأنْجُـمُ أحْداقٌ
وهذا البَدْرُ كَشَّـافٌ
وهذي الريحُ سَـوطٌ
والسماواتُ نِقابْ !
تُـمْ
تِـرَمْ
تَـمْ
كُلَّنا من آدمٍ نحـنُ
ومـا آدمُ إلا من تُـرابْ
فَوقَـهُ تَسرحُ . . قِطعانُ الذئابْ !
===================
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتِّجـاهْ
أينَما سِرْنَا نـراهْ !
في المقـاهي
في المـلاهي
في الوزاراتِ
في الحـاراتِ
والبـاراتِ
والأسواقِ
والتلفـازِ
والمسرحِ
والمـبغى
وفي ظاهـرِ جدران المصحَّـاتِ
وفي داخلِ دوراتِ الميـاهْ
أينَما سِرْنَا نـراهْ !
* * *
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتِّجـاهْ
باسِـمٌ
في بَلَدٍ يبكى من القهرِ بُكـاهْ !
مُشـرِقٌ
في بَلَدٍ تلهو الليالي في ضُحـاه !
ناعِـمٌ
في بَلَدٍ حتى بلايـاهُ
بأنواعِ البلايا مُبتـلاهْ !
صَـادِحٌ
في بَلَدٍ مُعْتقلِ الصَوتِ
ومنـزوعِ الشِّفَـاهْ
سَالِمٌ
في بَلَدٍ يُعْـدَمُ فيـهِ الناسُ
بالآلافِ ، يوميّـاً ،
بدعوى الإشتبـاهْ
* * *
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتِّجـاهْ
نِعمـةٌ منهُ عَلَينـا
إذْ نَـرى , حين نـراهْ
أنَّـهُ لَمَّا يَزَلْ حَيَّـاً
. . وما زِلنا على قيدِ الحَيـاهْ !
===================
قَرَّرَ الحاكِمُ إصلاحَ الزراعَـةْ
عُيِّـنَ الفَـلاَّحُ شُرطيَّ مُـرورٍ ،
وابنـةُ الفـلاَّحِ بَيَّـاعةَ فولٍ ،
وابنُـهُ نادِلَ مقـهى
في نقاباتِ الصناعَـهْ
وأخيراً
عُيِّـنَ المـحراثُ في القِسْمِ الفُـولوكْلوريِّ
والثـورُ مُديـراً للإذاعَـهْ !
* * *
قَفْـزَةٌ نَوعيَّـةٌ في الإقتصـادْ
أصبحتْ بَلدتُنا الأولى
بتصديـرِ الجَـرادْ
وبإنتاجِ المجاعـةْ !
===================
مَـرّةً ، فَكّـرتُ في نَشْرِ مَقالْ
عَـن مآسي الإحتِـلالْ
عَـنْ دِفـاعِ الحَجَـرِ الأعْـزَلِ
عَـن مِدْفَـعِ أربابٍ النّضـالْ !
وَعَـنِ الطّفْـلِ الّذي يُحْـرَقُ في الثّـورةِ
كي يَغْـرَقَ في الثّروةِ أشباهُ الرِّجالْ !
* * *
قَلّبَ المَسؤولُ أوراقـي ، وَقالْ :
إجتَنِـبْ أيَّ عِبَـاراتٍ تُثيرُ الإنفِعـالْ
مَثَـلاً :
خَفّـفْ ( مآسـي )
لِـمَ لا تَكتُبُ ( ماسـي ) ؟
أو ( مُواسـي ) ؟
أو ( أماسـي ) ؟
شَكْلُهـا الحاضِـرُ إحراجٌ لأصحابِ الكراسي !
إحـذِفِ ( الأعـْزَلَ ) . .
فالأعْـزلُ تحريضٌ على عَـْزلِ السّلاطينِ
وَتَعريضٌ بخَـطِّ الإنعِـزالْ !
إحـذِفِ ( المِـدْ فَـعَ ) . .
كي تَدْفَـعَ عنكَ الإعتِقالْ .
نحْـنُ في مرحَلَـةِ السّلـمِ
وَقـدْ حُـرِّمَ في السِّلمِ القِتالْ
إحـذِفِ ( الأربـابَ )
لا ربَّ سِـوى اللهِ العَظيمِ المُتَعـالْ !
إحـذِفِ ( الطّفْـلَ ) . .
فلا يَحسُـنُ خَلْطُ الجِـدِّ في لُعْبِ العِيالْ !
إحـذِفِ ( الثّـورَةَ )
فالأوطـانُ في أفضَـلِ حالْ !
إحـذِفِ ( الثّرْوَةَ ) و ( الأشبـاهَ )
ما كُلُّ الذي يُعرفَ ، يا هذا ، يُقـالْ !
قُلتُ : إنّـي لستُ إبليسَ
وأنتُمْ لا يُجاريكُـمْ سِـوى إبليس
في هذا المجـالْ .
قالّ لي : كانَ هُنـا ..
لكنّـهُ لم يَتَأقلَـمْ
فاستَقَـالْ !
===================
ماتَ خالي !
هكــــذا !
دونَ اغتيالِ !!
دونَ أن يُشنَقَ سهواً !
دونَ أن يسقطَ ، بالصدفةِ ، مسموماً
خلالَ الاعتقالِ !
ماتَ خالي
ميتةً أغربَ ممّا في الخيالِ !
أسلَمَ الروحَ لعزرائيلَ سِرَّاً
ومضى حُرَّاً .. محاطاً بالأمانِ !
فدفنّـاهُ
وعُدْنا نَتَـلَقّى فيه منْ أصحابِنا
. . أسمى التهاني !
===================
أكثَرُ الأشياءِِ في بَلدَتِنـا
الأحـزابُ
والفَقْـرُ
وحالاتُ الطّـلاقِ .
عِنـدَنا عَشْـرَةُ أحـزابٍ ونِصفُ الحِزبِ
في كُلِّ زُقــاقِ !
كُلُّهـا يسعـى إلى نَبْـذِ الشِّقاقِ !
كُلّها يَنشَقُّ في السّاعـةِ شَقّينِ
ويَنشَـقُّ على الشَّقّينِ شَـقَّانِ
وَيَنشقّانِ عن شَقّيهِما . .
من أجـلِ تحقيـقِ الوِفـاقِ !
جَمَـراتٌ تَتهـاوى شَـرَراً
والبَـرْدُ بـاقِ
ثُمّ لا يبقـى لها
إلاّ رَمَـادُ الإحتِـراقِ !
* * *
لَـمْ يَعُـدْ عنـدي رَفيـقٌ
رُغْـمَ أنَّ البلـدَةَ اكتَظّتْ
بآلافِ الرّفـاقِ !
ولِـذا
شَكّلتُ من نَفسـيَ حِزبـاً
ثُـمّ إنّـي
- مِثلَ كلِّ النّاسِ -
أعلَنتُ عن الحِـزْبِ انشِقاقي !
===================
مَـرَّةً , قالَ أبي :
إنَّ الذُبابْ
لا يُعَابْ
إنَّـه أفضَلُ مِنَّـا
فَهْوَ لا يقبَـلُ مَنَّـا
وَهْوَ لا ينكِصُ جُبْنَـا
وَهْوَ إنْ لم يَلْـقَ ما يأكُلُ
يَسْتَوفِ الحِسـابْ
يُنْشِبُ الأرجُلَ في الأرجُلِ
والأعيُـنِ
والأيـدي
وَيَجتاحُ الرِّقَـابْ
فَلَـهُ الجِلْدُ سِمَاطٌ
ودَمُ الناسِ شَرَابْ
* * *
مَـرَّةً , قالَ أبي . . .
لكنَّـهُ قالَ وغابْ
ولقد طالَ الغيابْ !
* * *
قِيلَ لي إنَّ أبي مـاتَ غريقـاً
في السَّـرابْ
قيلَ : بل مـاتَ بِـداءِ ( التراخـوما ) !
قيلَ : جَـرَّاءَ اصطـدامٍ
بالضبابْ !
قيلَ ما قيلَ ، وما أكثرَ ما قيلَ
فراجَعـنا أطِبّـاءَ الحكومَـةْ
فأفادوا أنَّـها ليستْ ملومَـةْ
ورأوا أنَّ أبي
أهلكَـهُ " حَبُّ الشَّـبَابْ " !
===================
كُلُّ ما في بَلْـدَتي
يَمـلأُ قلـبي بالكَمَـدْ .
بَلْـدَتي غُربـةُ روحٍ وَجَسَـدْ
غُربَـةٌ مِن غَيرِ حَـدّْ
غُربَـةٌ فيها الملاييـنُ
وما فيها أحَـدْ .
غُربَـةٌ مَوْصـولَةٌ
تبـدأُ في المَهْــدِ
ولا عَـوْدَةَ منها .. للأبَـدْ !
* * *
شِئتُ أنْ أغتـالَ مَوتي
فَتَسلّحـتُ بِصوتـي :
أيُّهـا الشِّعـرُ لَقَـدْ طالَ الأَمَـدْ
أهلَكَتني غُربَتي ، يا أيُّها الشِّعرُ ،
فكُـنْ أنتَ البَلَـدْ .
نَجِّـني من بَلْـدَةٍ لا صوتَ يغشاها
سِـوى صوتِ السّكوتْ !
أهلُها موتى يَخافـونَ المَنايا
والقبورُ انتَشرَتْ فيها على شَكْلِ بُيوتْ
ماتَ حتّى المــوتُ
. . والحاكِـمُ فيها لا يمـوتْ !
ذُرَّ صوتي ، أيُّها الشّعرُ ، بُروقـاً
في مفازاتِ الرّمَـدْ .
صُبَّـهُ رَعْـداً على الصّمتِ
وناراً في شرايينِ البَرَدْ .
ألْقِــهِ أفعـى
إلى أفئِـدَةِ الحُكّامِ تسعى
وافلِـقِ البَحْـرَ
وأطبِقْـهُ على نَحْـرِ الأساطيلِ
وأعنـاقِ المَساطيلِ
وطَهِّـرْ مِن بقاياهُمْ قَذاراتِ الزَّبَـدْ .
إنَّ فِرعَــونَ طغى ، يا أيُّها الشّعـرُ ،
فأيقِظْ مَـنْ رَقَـدْ .
قُل هوَ اللّهُ أحَـدْ
قُل هوَ الّلهُ أحَـدْ
قُل هوَ الّلهُ أحَـدْ
* * *
قالَها الشِّعـرُ
وَمَـدَّ الصّـوتَ ، والصّـوتُ نَفَـدْ
وأتـى مِنْ بَعْـدِ بَعـدْ
واهِـنَ الرّوحِ مُحاطاً بالرّصَـدْ
فَـوقَ أشـداقِ دراويشٍ
يَمُـدّونَ صـدى صوتـي على نحْـريَ
حبـلاً مِن مَسَـدْ
وَيَصيْحــونَ " مَـدَدْ " !
===================
إنَّني المشنوقُ أعلاهُ
على حبلِ القوافي
خُنْتُ خوفي وارتجافي
وتَعَـرّيْتُ من الزيفِ
وأعلنتُ عن العهْـرِ انحـرافي
وارتكبتُ الصِّدْقَ كيْ أكتُبَ شِعرا
واقترفتُ الشِّـعْرَ كيْ أكتُبَ فجرا
وتَمَرَّدتُ على أنظمـةٍ خَرْفَـى
وحُكّامٍ خِرافِ
وعلى ذلِـكَ . .
وَقَّـعْتُ اعتـرافي !
===================
انتهى بعون الله