أبو القاسم الشابي |
ولو دمت حيا سئمت الخلود
وعشت على الأرض مثل الجبال
جليلا، غريبا، وحيد
فلم ترتشف من رضاب الحياة
ولم تصطبح من رحيق الوجود
ولم تدر ما فتنة الكائنات
وما سحر ذاك الربيع الوليد
وما نشوة الحب عند المحب
وما صرخة القلب عند الصدود
ولم تفتكر بالغد المستراب
ولم تحتفل بالمرام البعيد
وماذا يرجي ربيب الخلود
من الكون-وهو المقيم العهيد-؟
وماذا يود وماذا يخاف
من الكون-وهو المقيم الأبيد-؟
تأمل..، فإن نظام الحياة
نظام، دقيق، بديع، فريد
فما حبب العيش إلا الفناء
ولا زانه غير خوف اللحود
ولولا شقاء الحياة الأليم
لما أدرك الناس معنى السعود
ومن لم يرعه قطوب الدياجير
لم يغتبط بالصباح الجديد