نزار قباني |
تصورتُ حبكِ . .
طفحاً خفيفاً على سطح جلدي . .
أداويهِ بالماء . . أو بالكحولْ
وبررتهُ باختلافِ المناخْ . .
وعللته بانقلاب الفصولْ . .
وكنتُ إذا سألوني ، أقولْ :
هواجسُ نفس . .
وضربة شمس . .
وخدشٌ صغيرٌ على الوجهِ . . سوفَ يزولْ . .
2
تصورتُ حبكِ . . نهراً صغيراً . .
سيحيي المراعي . . ويروي الحقولْ . .
ولكنهُ اجتاحَ بر حياتي . .
فأغرقَ كلَّ القرى . .
وأتلفَ كلَّ السهولْ . .
وجرَّ سريري . .
وجدرانَ بيتي . .
وخلفني فوق أرض الذهولْ . .
3
تصورتُ في البدءِ . .
أن هواكِ يمرُّ مرورَ الغمامةْ
وأنكِ شط الأمانْ
وبرُّ السلامةْ . .
وقدرتُ أن القضية بيني وبينكِ . .
سوفَ تهونُ ككلِّ القضايا . .
وأنكِ سوف تذوبينَ مثلَ الكتابة فوق المرايا . .
وأن مرورَ الزمانْ . .
سيقطعُ كلَّ جذور الحنانْ
ويغمرُ بالثلج كلَّ الزوايا
4
تصورتُ أنَّ حماسي لعينيكِ كان انفعالاً . .
كأي انفعالْ . .
وأنَّ كلامي عن الحبِّ ، كان كأيّ كلام يُقالْ
وأكتشفُ الآنَ . . أني كنتُ قصيرَ الخيالْ
فما كان حبكِ طفحاً يُداوى بماء البنفسج واليانسونْ . .
ولا كان خدشاً طفيفاً يُعالجُ بالعشب أو بالدهونْ . .
ولا كان نوبة بردٍ . .
سترحلُ عند رحيل رياح الشمالْ . .
ولكنهُ كانَ سيفاً ينامُ بلحمي . .
وجيشَ احتلالْ . .
وأولَ مرحلةٍ في طريق الجنونْ . .